إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
تفسير سورة الكهف
49363 مشاهدة print word pdf
line-top
قصة الغلام

ذكر الله تعالى أنهما انطلقا بعد أن نزلا من السفينة سائريْن، فوجدا غلاما فقتله الخضر فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا أي: أمرا منكرا، ورد في الحديث: أنهما مرا على غلمة يلعبون، وبينهم غلام ذكي، غلام نشيط، من أنشطهم، أو من أحسنهم خلقة، فعمد إليه الخضر وأضجعه، وقتله بسكين، أو طعنه، فالحاصل أنه قتله، وموسى ينظر وعجب لذلك كيف هذا الغلام من بين هؤلاء الغلمان، قد يكون غلاما لم يكلف، قد يكون صبيا لم يبلغ الحلم، تَعْمَدُ إليه، وتَقْتُلُهُ بغير نَفْسٍ؟! أي: ليس قتلك له قصاصا، ولم يكن مرتدا، أو مستحقا للقتل بل لم يبلغ سن التكليف، وتقتله، إن هذا أمر منكر، لا شك أنه منكر من حيث الظاهر، ولكن للخضر عذره في قتله له.
فلما أنكر موسى هذه الفعلة عند ذلك ذكره الخضر بالعهد الذي عهد إليه، فقال: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا هذه: أشد، أَلَمْ أَقُلْ لَكَ في المرة الأولى قال: أَلَمْ أَقُلْ وهاهنا زاد بكلمة: لك.
فعند ذلك اعتذر موسى أنه تسرع، وأنه نسي أيضا، ولكن شرط على نفسه أنه إذا عاد مرة أخرى وسأله قبل أن يخبره فيكون هذا هو الفراق بينهما، فقال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بعد هذه المرة.
فَلَا تُصَاحِبْنِي فاطردني، واعتذر من صحبتي، فقد بلغت عذرا، وقد صبرت علي مرارا، صبرت على إنكاري، وكنت قد اشترط علي.
إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا فأنت معذور إذا طردتني، واعتذرت من صحبتي، كأنه يقول: هذه المرة هي الأخيرة، التي لا أسألك شيئا بعدها، ولا أنكر عليك.

line-bottom